المادة    
  1. شهادة الزور

     المرفق    
    السؤال: هناك أناس لا يتركون الصلاة في الجماعة وغيرها إلا أنه قد لا يتورع عن شهادة الزور ويكتم شهادة الحق إن طلبت منه؟
    الجواب: مثل هذا السؤال يتكرر دائماً ونستشف منه أشياء:
    أولاً: كثرة الدعاوى في منطقتنا هذه، لماذا نحتاج إلى شهادة الزور أو نحتاج إلى شهادة الحق؟
    كل هذا بسبب كثرة الدعاوى.
    ولو عرف كل إنسان حقه ووقف عند حده، ما احتجنا إلى شهادة الزور ولا إلى شهادة حق.
    لكن الدعاوى لكثرتها عندنا هنا، فيأتي الإنسان ويأتي ما نسميه القالة ويأخذ القالة، لا بد أن ينتصر بحق أو بباطل، لا حول ولا قوة إلا بالله.
    ويأتي القريب والصديق والرحيم، ولا بد أن يعينه وأن ينصره، سبحان الله!
    كان الناس في الجاهلية يقولون: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، هذه قاعدة من قواعد الجاهلية، فجاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لأصحابه الكرام: {انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً فتعجب الصحابة رضي الله عنهم- هذه قاعدة الجاهلية يقولها نبي الهدى والرحمة والعدالة- فقالوا: يا رسول الله عرفنا كيف ننصره إذا كان مظلوماً، فكيف ننصره إذا كان ظالماً؟ قال: تردعه وتحجزه عن الظلم فذلك نصره}.
    كم واحد منا يطبق هذا الشيء في منطقتنا؟
    نرجو أن يكونوا كثيرين، ونرجو أيضاً أن يزداد الذين إذا رأوا الظالم أخاً أو قريباً أو رحيماً أو جاراً أو شريكاً، ينصرونه بأن يردعوه عن ظلمه، فلا يحتاج إلى شاهد ولا إلى مشهود.
    ومع ذلك فمن أدَّى صلاة الجماعة وشهد شهادة الزور، أو من حافظ على الصلاة والزكاة والصيام والحج وذكر الله وقراءة القرآن، لكنه يمشي بالنميمة ويفسد ما بين الناس، ويوقع ما بين الأقرباء والشركاء والجيران، ويرتكب الموبقات التي لا يلقي لها بالاً، هذا من هو؟
    هذا هو المفلس كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح: {أتدرون من المفلس؟ قالوا: يا رسول الله! المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع} هذا مفلس، أي: أنه فقير ما عنده شيء، ولكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد أن يعدل موازيننا، دائماً موازيننا أن الظالم لا ينصر إلا أن يعاون، قال: { تنصره بأن تردعه } إذاً غيرنا الميزان.
    أيضاً هنا نغير الميزان، فالمفلس ما هو الذي هو هذا حاله، والذي فيه خير، ليس الذي عنده أموال كما نقول هنا في المنطقة، نقول: فلان فيه خير، أي: أن عنده أموال وعنده وظيفة.
    ليس هذا هو المعنى، فموازيننا يجب أن نعدلها، وأن نزنها بميزان الله، {المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة وعنده من الحسنات مثل جبال تهامة ولكن يأتي وقد شتم هذا، وظلم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، فيؤخذ من تلك الحسنات، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن كفت وإلا أخذت من سيئاتهم فطرحت عليه فطرح في النار} نسأل الله العفو والعافية، فهذا المفلس.
    فيا إخوان! نسأل الله أن لا يكون فينا شقي ولا محروم ولا مفلس.
    فلا نشهد الزور، ويجب أن نعلم أن شهادة الزور يا إخوان لها معنيان في ديننا كما قال الله تعالى: ((وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً))[الفرقان:72].
    شهادة الزور التي نعرفها جميعاً أن يشهد الإنسان بغير الحق.
    وشهادة الزور، أي: الحضور، حضور اللهو واللعب وحضور ما يشغل عن طاعة الله، هذه شهادة اللهو.
    شهد الزور: أي حضره.
    فمن شهد ما يلهي عن طاعة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -أيضاً- فقد شهد الزور.
    فعلى كل حال من اتقى الله وصلى وصام لا يشهد الزور لا بهذا المعنى ولا بذاك المعنى إن شاء الله.
  2. حكم استخدام الخادمات والعمال الكفار

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الخادمات في البيوت، وكذلك العمال في المؤسسات إذا كانوا كفاراً؟
    الجواب: هذه المنطقة -مع الأسف- وأقولها بصراحة، آباؤنا يعلمون والكبار منا يعلمون، ويظنونا مثل الجاهل الذي لا يدري.
    كان آباؤنا يخدمون في المدن، يتمنى الواحد أن يخدم بالحجر والطين في البيت يسمونه (مجاود)، في أي مكان في تهامة أو في المدن، ليجد ما يقيتنا وما يعيشنا.
    وكان كثير من الآباء -كما نقلوا لنا- يسأل الله ويتمنى أنه لو جاء له أكل يأكله بما يكفي في ذلك اليوم أن يفرش السجادة، ويعبد الله ذاك اليوم، ولا يريد شيئاً من الدنيا أبداً.
    ولكن لما فتحت الدنيا، ثم فتحت، وإذا بنا نستقدم الناس يخدموننا من أطراف الأرض، من شعوب كنا نخدمها في الحج، والله إن من آبائنا من خدمهم في غير مقابل إلا أن يجد ما يأكل، لا يعطونه إلا ما يأكل من بقايا طعامهم، واسألوا آباءنا عن هذا.
    والآن نستقدمهم ليخدمونا، ((وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ))[آل عمران:140] لنفرض أن الله أنعم علينا وأخذ نعمتهم، أو ليس الحال سينتقل والدول ستزول، وننتقل عافانا الله وإياكم.
    إذاًَ: يجب أن نشكر نعمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما يلي:
    أولاً: أننا أصبحنا نستورد الخدم والخادمات -اللهم لك الحمد- هذه والله نعم عظيمة.
    أبو هريرة رضي الله تعالى عنه وهو من هذه البلاد الطيبة، يقول: أبو هريرة يمتخط في الكتان.
    ولما فتح الله عليه وصار عنده منديل -من القطن- من الكتان، فقال: أبو هريرة يمتخط بالكتان، استشعر هذه النعمة العظيمة لما أنعم الله بها عليه، ونحن الآن أبناء أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وقبيلته وكلنا في المنطقة جميعاً أصبحنا نستقدم أهل الدنيا، بعضهم تكون الخادمة متعلمة وتأتي لتخدم الأمية مسكينة لا تعرف شيئاً، وتلك متعلمة ومن بلاد متطورة قبلنا، -سبحان الله- هذه عجيبة، لكن يجب أن نأخذ منها العبرة وهي: أننا إن عصينا الله أزالنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فخدمنا الناس كما كنا نخدمهم، فهل نعصي الله بذلك؟ اللهم لا.
    والمرأة إذا استقدمت لا يجوز أن تستقدم إلا بمحرم، من كان مضطراً ولا بد أن يأتي، فيأتي بها مع محرم وليعزلها عن أهله وعن بيته، لا يجوز أن يراها ولا يجوز لمحرمها أن يرى أهله أبداً وهذا شيء لا بد منه.
    وإن كانت من غير محرم فلا يجوز أن تبقى في هذه البلاد، ولا يجوز أن تحج ولا أن تعتمر؛ لأنه لا محرم لها، ومن سيكون معها لو أردنا أن نسفرها؟!
    قالوا: تسافر مع صاحبها الذي استقدمها، لأنه هو الذي أتى بها، وهل هو محرم لها؟ والله ليس بمحرم.
    إذاً يكون البلاء وما أكثر ما يقع، واسألوا المحاكم والهيئات في المدن، وأيضاً ربما في القرى عن جراء ما يقع من ذلك.
    هذا إذا كانت مسلمة، أما إن كانت الخادمة كافرة أو العامل كافراً، فإنه يحرم ولا يجوز أن يُؤتى به إلى جزيرة العرب، بل وفي مكة، والرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوصى في مرض موته -ولا يوصي في ذلك الوقت إلا لأمر مهم مثل الصلاة وأمثالها- بألاَّ يجتمع في جزيرة العرب دينان، {أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب، لا يجتمع فيها دينان}.
    وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء جميعاً، والشيخ عبد العزيز -رحمه الله- وحده، وكذلك بقية العلماء؛ وبينوا بمقتضى هذا الحديث وغيره أنه لا يجوز ولا يحل أن يستقدم أحد العمال الأجانب الكفار، لأن الأجنبي هو الكافر، ولا يجوز أن يستقدم الكافر أياً كان، وإنما إذا جاز شيء من ذلك فللضرورة للحاكم ولولي الأمر في أمور حساسة لا يمكن أن يجيدها أو يعرفها المسلمون، أما نحن نستقدمهم لأتفه الأعمال، نسأل الله العفو والعافية.
    وإلا فـالهند فيها (مائة مليون) مسلم، ومع ذلك يذهب بعض الناس ولا يسعه (المائة مليون) ويأتينا بعابد البقرة، هنا أنا رأيتهم وسألتهم: خياط، وعامل، وسواق كلهم عباد بقر، وعابد النار من اليابان ومن الفلبين ومن كوريا، لماذا يا إخوان؟ والله إن هذا نذير الهلاك إلا أن نرجع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونوالي من والى الله ونعادي من عادى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    ما أحب أن أطيل لكثرة الأسئلة، ولكن لعل فيما مضى عبرة إن شاء الله.
  3. الاحتجاج بأن الإيمان في القلب

     المرفق    
    السؤال: إذا أردت أن أنصح إنساناً يقول: الإيمان في القلب، رغم أن سلوكه مخالف لذلك، فماذا أجيب مثل هذا وفقكم الله؟
    الجواب:
    أولاً: نسأل الله أن يهدي مثل هذا الإنسان ((وَكَانَ اْلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)) [الكهف:54] إن كانت المسألة بالجدال؛ فإنه يقدر أن يقول: الإيمان في قلبي، ويقول: أنت ما اطلعت على قلبي، ويقول: وما أدراك أني كذا وكذا، كل هذا يقوله جدلاً.
    أما إن كانت محبة ونصيحة، يقول: جزاك الله خيراً وأحسن الله إليك، ويعمل بالنصيحة، هذا الذي يجب، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم إذا ذكّر بالله وإذا نصح، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ يقول: {التقوى هاهنا، التقوى هاهنا} نعم، لماذا قالها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
    قالها ليبين لنا معنى الحديث الآخر الصحيح {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم}.
    لماذا؟ لأن بعض الناس يمكن أن يعمل الطيب، ويظهر بمظهر حسن، ويظهر مع المتقين في المظهر وقلبه خالٍ من الإيمان، فهذا نقول له: التقوى في القلب، اجعل قلبك يخشع لله، ويجب أن يعلم أن التقوى في القلب لا في المظهر.
    لكن إنسان يأتي ولا يوجد له مظهر فهذه حالة أخرى لا نعكس دين الله، لا نجعل هذا لهذا وهذا لهذا، فقد جعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى محل دواء لداء، ولو أعطيت دواء لداء آخر ما صلح، فدواء الذي يظن أن الدين مظهر وقلبه خاوٍ من الإيمان أن يعلم أن الله إنما ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فيتق الله في قلبه ويؤمن بالله في قلبه، ولا يظن أن المظهر يكفي، والعكس الذي لا مظهر له من مظاهر الخير ولا يحرص عليه ويدعي أن الإيمان في قلبه، نقول له: أين هذا الإيمان، أين ثمرته، أين نتيجته؟
    ما نكذبك -إن شاء الله- عندك إيمان، ولكن أظهر ثمرة هذا الإيمان، يجب أن نراها، وإلا فإنها دعوى، وأي دعوى لا يصدقها البرهان أو الدليل لا تقبل، فنحن والله لا نخشى إلا على الذين يُحبون الخير ويحرصون عليه، ويؤدون الجماعة والجمعة، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، نخشى عليهم أن تكون قلوبهم فيها ضعف إيمان أو خالية منه، عافانا الله وإياكم.
    أما ذاك الذي لا يأتي هذه الأفعال ولا يعمل من أعمال الخير شيئاً، ويدَّعي الإيمان هذا والله على خطر عظيم، نخاف على ذلك، فكيف خوفنا على هذا الذي لا يعمل شيئاً أبد.
    نسأل الله أن يهدي قلوبنا وأن يصلحها، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو القدوة في ذلك وهو أكثر الناس إيماناً، وكذلك أصحابه كانوا أكثر الناس امتثالاً وطاعة وعملاً، لأنهم كانوا أكثر إيماناً في قلوبهم.
  4. مجالس الغيبة والنميمة

     المرفق    
    السؤال: كثير من المجالس يحدث فيها الغيبة والنميمة، وكذلك الاستهزاء بالملتزمين، فما الحكم في ذلك؟
    الجواب: هذه الغيبة والنميمة وهذه المجالس، كل إنسان منا يجب أن يتقي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن يعلم كما قال عز وجل: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً))[الإسراء:36] ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))[ق:18].
    ويوم القيامة ماذا يقول المجرمون إذا رأوا الكتاب: ((مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا )) [الكهف:49]، ويقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ما من قوم جلسوا مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا كان عليهم ترة يوم القيامة} كان نقيصة وحسرة وندامة عليهم يوم القيامة، لأنهم جلسوا ولم يذكروا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لو جلسوا وتحدثوا فقط في دنيا حلال وقاموا، لوجدوا أن هذا نقص يوم القيامة، فكيف إذا كان الحديث في الحرام، نسأل الله العفو والعافية.
    ما الذي يكب الناس على مناخرهم في النار، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لـمعاذ {ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم}. ألا ترى أن كلمة من الغيبة والنميمة قد تفسد ما بين زوج وزوجه، وما بين قبيلة وقبيلة، وما بين قريب وقريبه.
    إذاً من الذي قطع الأرحام؟ ومن الذي كان السبب في هذا الفساد العظيم؟ تلك الكلمة، الكلمة التي قالها النمام أو قالها المغتاب، وهذه الغيبة هي جزء مما يجب أن نذكر أنفسنا به -جميعاً- وهو حق المسلم على المسلم، ونحن في ما بين الله عز وجل وبيننا في تقصير شديد، ولكن هو أخف مما بيننا بعضنا مع بعض.
    ونحن بالذات في هذه المناطق وهذه القبائل نخشى أن نجاهر -والحمد لله- بكثير من المعاصي من فضل الله، لكن مع بعضنا بعضاً فلا نبالي أن نجاهر ولو برفع السلاح في وجه المسلم، وهذه هي الجاهلية بعينها، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {سباب المسلم فسوق وقتاله كفر}.
    انظروا هذه المصيبة، يقول في خطبته في يوم النحر أو في يوم عرفة: {لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض} هذه أعمال الكفار، أعمال الجاهلية، ويجب أن تتقي الله من الغيبة والنميمة والفساد والمضاربات والمنازعات، وكل ما يخل في حق أخيك المسلم.
    إن المسلم عند الله هو كل من قال: لا إله إلا الله، لكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي لنا بمفهوم آخر يصحح به نظرتنا: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده} هذا هو المسلم، وإلا دعوى لا إله إلا الله كثير من يدعيها، مجرد الصلاة كثير يصلي لكن إذا لم يسلم المسلمون من أذاه فلم يحقق حقيقة الدين ولا حقيقة الإسلام.
    لماذا قدم اللسان على اليد؟ هذا -والله أعلم- لأن أصل كل شر هو من اللسان، حتى الاقتتال باليد يسبقه التخاصم والتلاعن -نسأل الله العفو والعافية- ثم يكون التماسك بالأيدي، فاللسان إذا حفظناه فهو حجاب لما بعده، هذه قاعدة -مثلاً- وعليها أمرنا الله أن نغض النظر عن النساء، فإذا غضضنا النظر عن النساء لم نقع في الزنا، وأمرنا الله أن نجتنب الشبهات، فإن كنت لا أعرف هذا أحلال أم حرام أجتنبه، فإذا اجتنبت الشبهات لم آكل من الحرام، فهذه قواعد شرعية عظيمة، حتى يكون كل إنسان يتوقى بترك الأخف حتى لا يقع في الأعظم، فنتوقى أن نؤذي المسلمين بألسنتنا، وبذلك نضمن -بإذن الله- أننا لن نؤذيهم بأيدينا، والله أعلم.
  5. توجيه الآباء للأبناء

     المرفق    
    السؤال: بعض الآباء يحضرون إلى المسجد دائماً إلا أنهم لا يحضرون أبناءهم للصلاة، فإذا نصحته قال: لا أستطيع أن أحضره، فهل يعتبر الأب في هذا الحالة آثم؟ وما هو العلاج؟
    الجواب: يجب على الإنسان كما أنه يتقي الله ويحرص على الخير لنفسه أن يدعو إليه أبناءه.
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))[التحريم:6] ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا))[طه:132] وكان إسماعيل كما وصفه الله أنه ((وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً)) [مريم:55]، هذه من صفات المرضيين عند الله تبارك وتعالى.
    نحن نشكو في هذه الأيام من ضعف السلطة الأبوية، ليست فقط مع الأبناء، بل مع الزوجات، يقول: لا استطيع، وإن تكلمنا عن الأبناء قال: لا أستطيع، وإن تحدثنا إلى المدرسين ومدراء المدارس عن الطلاب، قالوا: لا نقدر، فعندنا خلل في تربيتنا، وهو ضعف السلطة عن إيقاع التأديب أو التوجيه، لماذا؟ ما السبب؟ لعلنا نذكره فيستعين الآباء على شيء من تربية أبنائهم.
    السبب أن التوجيه ليس موحداً، كما كان في السابق، ففي السابق كان الطفل لا يتلقى التوجيه إلا من الأب، ولهذا على ما كان فينا من الجهل، كان الأبناء يقدرون آباءهم، أما الآن فالتوجيه متعدد، والمناهج متعددة الطرق، الأفلام توجه، وملاعب الكرة توجه، والبشكات والسهرات توجه، وجلساء السوء ينصحون ويوجهون، ويأتي الأب ينصح ويوجه فيضيع توجيهه مع هؤلاء، لأن المصادر تعددت.
    وخطيب الجمعة يخطب ويذكرنا بالله ويعظنا خطبة ربع ساعة أو نصف ماذا تعمل مع أفلام ومسلسلات وحلقات ومجلات وصحف وملاعب ومقاهٍ ومجالس سوء، ماذا تصنع هذه مع تلك؟
    لا تؤثر، ولذلك أصبحت السلطة ضعيفة، سواء من الأب أو من المربي أو من الزوج؛ لأن هذا سبب من أسبابها، وهو تخلخل في التربية، وتخلخل في التوجيه الاجتماعي مما أدى بنا إلى هذا.
    فإذا أردنا أن نستعيد ذلك، فيجب أن نحرص -أولاً- على إعادة توحد السلطة التوجيهية، بمعنى: أن الأب يوجه للخير، والمدرس للخير، وخطيب الجمعة كلهم يوجهون للخير، والمجالس تكون مجالس خير، وأيضاً وسائل الإعلام يجب أن تكون على خير، وإلا فلا ينظر ولا يستمع إلى ما فيها من شر.
    فإذا كنا كذلك نجد أن الزوجة تطيع زوجها، والابن يطيع أباه، والأب يحترم أبناءه ويعرف قدرهم، وبهذا أصبحنا في مسار تربوي سليم بإذن الله.
  6. عقوق الوالدين

     المرفق    
    السؤال: بعض الشباب يصدر منهم العقوق لآبائهم، فما نصيحتكم لمثل هؤلاء؟
    الجواب: هؤلاء الشباب مهما كانت تقواهم، ومهما كانت طاعتهم إذا عقوا آباءهم وأمهاتهم فهم والله على خطر، لأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أوصى في الأب المشرك؛ المجاهد لأبنائه من المؤمنين أن يكفروا، يقول الله تعالى: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ))[لقمان:15] الأب حتى لو كان كافراً يجب على الابن أن يصاحبه بالمعروف، وأن يحسن إليه مكافأة منه، ومن ذا الذي يكافئ أباه إلا كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{إلا من وجده عبداً فاشتراه فأعتقه} ولكن من الذي يجازي والديه أو أباه بما قدم له من الخير ومن الفضل،مقابل ماله عليه من الحق.
    فلنتق الله نحن الأبناء والشباب في آباءنا وأمهاتنا، ومن جانب آخر: يجب على الآباء أن يتقوا الله في أبناءهم، ويجب على الآباء أن ينظروا هل تربيتنا لأبنائنا مما يوجب العقوق أو مما يوجب الإحسان، وإذا لم تحسن إلى ابنك ولم توجهه ولم ترشده ولم تقومه، فكيف ترجو منه أن يكون باراً بك، والأمثلة كثيرة من واقع حياتنا، ومن واقع من قبلنا لا يتسع المجال لها، لكن المسئولية مزدوجة من الآباء ومن الأبناء، أن يتقي الله كل واحد منهما في حق الآخر.
  7. ميراث المرأة

     المرفق    
    السؤال: يقع بعض الناس في قطيعة الرحم وذلك بسبب منع بعض الورثة من حقوقهم، وخاصة المرأة؟
    الجواب: ما خالف قوم أمر الله إلا ندموا في الدنيا قبل الآخرة، وقد فصَّل والله تبارك وتعالى أحكام الميراث، ولم يدعها لنبي ولا لعالم ولا لمفتٍ، وإنما هو عز وجل فصلها في كتابه، الأصول والأسس للمواريث، ثم فرَّع العلماء على هذه الأصول ما فرعوا ونحن ضعينا هذه الأصول في هذه المناطق، ومنطقتنا هذه إلا من وفقه الله تعالى، ولهذا نندم في الدنيا قبل الآخرة.
    كيف نندم في الدنيا؟ الرجل يتعب على البلاد، فمثلاً إن جاءت ثمرة -إلا من رحم الله- فإنها تكون قليلة الثمار، لكن المشاكل في البلاد والدعاوى كثيرة والتعب كثير، فيحفر الآبار ويتعب ويبني ويعمل ويجتهد ويفعل كل شيء، وهو يتعب فيه، فإذا كبر أولاد البنت أو الأخت، وقالوا يا خال نريد حقنا، أنكرهم وجحدهم ثم تعب في المشاكل، وفي القضاء، وفي المحاكم، وشهد الشهود، وأخذوا حقهم جاهزاً، يتندم على ما خسر، وتعب، وكسب، وعلى ما حفظ من محارم، ومن مخازن، ومن كذا وكذا تحمَّلها كلها طول الدهر، وأخذها أبناء الأخت باردة مبردة وعمروا وأنشأوا فيها، فتكون القطيعة بينه وبينهم والعداوة الشديدة، لماذا؟
    لو أنه مجرد أن مات الأب قسمت التركة وأخذت المرأة نصيبها وأخذت حقها لبقيت القلوب سليمة ونظيفة، هذا حق ليس فيه شيء، ولكانت صلة الرحم موجودة، ولكان الذي تعبت فيه لك، ما تعبت لأولاد الناس -كما يقولون- وما يدفع الناس أن يقطعوا أرحامهم من أخوات وقريبات إلا مثل هذه الأمور، أنه تعب وأفاد، وأنه وسع، وأنه ربما المساحة كانت صغيرة وزاد كبرها، ويشهد الشهود على الركيد كله ونصفه أو أكثر، ثم يأتي الحكم فيما بعد، بأن المساحة للمرأة، فيندم على ذلك.
    هكذا والله ما نخالف الله في شيء إلا نندم حتى في الدنيا فضلاً عن الآخرة، والعبر كثيرة لكن ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار.
    يجب علينا -أيها الإخوان- أن نتق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وألاَّ نفرق بين دين الله، ونؤمن ببعض ونكفر ببعض، الذي أمرني أن أخرج زكاة الفطر وأخرج زكاة مالي وأن أحج وأصلي، هو -أيضاً- الذي فرض حق الوريث والوارثات وإن كنَّ نساءً، فهو الذي فرض ذلك، لماذا أطيعه في شيء وأعصيه في شيء؟ وأتخير من الدين ما يناسبني فأعمل به، وأترك مالا يناسبني ولا يعجبني، ألنا الخيرة أم لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟
    يجب أن نطيع الله ونعلم أننا عباد لسنا مخيرين في أمر الله ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)) [الأحزاب:36] أبداً، وإنما الاتباع والسمع والطاعة لله في هذه الحقوق جميعاً.
  8. الشرك والسحر

     المرفق    
    السؤال: دعاء الجن والاعتقاد في الكهان أنهم يعلمون الغيب، ودعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -مثل قولك: الله ومحمد- والحلف بغير الله، أرجو من فضيلتكم البيان هل هذه الأمور من الشرك المخرج من الملة أم لا؟ وما حكم من يخالف من يوجد عندهم هذا علماً أنه أنكر عليهم وأرشدهم وخاصة الأقارب؟
    الجواب: أولاً: نسأل الله أن يرحمنا وأن يعافينا وإياكم من الشرك، وكما قال تعالى: ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ))[الزمر:65] هذا الخطاب لمن؟ لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول رب العزة والجلال لأفضل الخلق وخاتم الرسل، رسول العالمين ورحمته إليهم، يقول: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وهذا ليس فقط للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده، بل لمن قبله من الأنبياء فنحذر الشرك ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ))[المائدة:72].
    فعافانا الله وإياكم من الشرك، وكيف نشرك ونحن أمة التوحيد الذين نقول: نشهد أن لا إله إلا الله؟ نقولها ثم ننقضها، فمن نواقضها الشرك بالله بأي نوع من أنواع الشرك -عافنا الله وإياكم- فمثل هذه الأمور كلها نجتنبها وغيرها، فإذا ما اجتنبنا الشرك بالله وعرفنا أنه خطير، فلا نستنكر ممن يحُذرنا من الشرك؛ لأنه خطير حذَّر الله منه الأنبياء.
    ننظر إلى دعاء الجن إذا دعاهم الإنسان واعتقد أنهم يضرون وينفعون، وقال: يا فلان من الجن! افعل وافعل، يا جن! افعلوا به وافعلوا وخذوه، معتقداً دعائهم، كما يدعو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لهذا القصد، فهذا شرك أكبر، ودعاء غير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شرك أكبر مخرج من الملة؛ لأن حقيقة الشرك هي هذه؛ لأن العبادة هي الدعاء كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح: { الدعاء هو العبادة } ويقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ))[غافر:60].
    إذا العبادة هي الدعاء والدعاء هو العبادة، فلا يدعو أحد أحداً إلا وقد عبده وهذا مما لا شك فيه، لكن إن كان قالها لأن اللسان قد اعتادها فقط ولا يقصدها ولا يعتقد حقيقتها؛ فيجب عليه أن يكفرها بشهادة أن لا إله إلا الله، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، كما كان الصحابة الكرام أول ما أسلموا وما زالت تجري على ألسنتهم بعض ألفاظ من الشرك، والحلف بغير الله.
    ويجب علينا أن ننصحهم جميعاً بغض النظر أننا نقول: خرجت من الملة، أو ما خرجت، نقول: دعاء غير الله شرك أكبر، ونقول: اتق الله ولا تشرك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    والاعتقاد في الكهان أنهم يعلمون الغيب هذا أيضاً من الكفر المخرج من الملة، لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: (( وَعِنْدَهُ ))[الأنعام:59] وتقديم الظرف هنا للاختصاص، أي: أن علم الغيب له وليس عنده أحد غيره ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ))[الأنعام:59] فإذا أتى شخص وقال: فلان يعلم الغيب، واعتقد ذلك كفر بهذه الآية وبأمثالها وكثير من الآيات والأحاديث.
    فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن أحداً يعلم الغيب؛ حتى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعلم الغيب إلا ما علَّمه الله وأظهره الله تبارك وتعالى عليه، ولهذا الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه- ونقرأ هذا في مناهجنا والحمد لله، ذكر من رءوس الطواغيت الخمسة من ادعى علم الغيب، الذي يدعي علم الغيب ليس مجرد مشرك، بل هو طاغوت، والطاغوت أعظم من المشركين، لأن المشركين إنما يشركون لتعلقهم بالطاغوت واتباعهم له، فالطاغوت مادة وأساس الشرك مثل هؤلاء.
    وحقاً والله! انظروا الكهان المنتشرين في بعض المناطق، يدعون أنهم يعلمون الغيب، ويخبرون الإنسان باسمه واسم زوجته وأمه وكذا وكذا فيما يزعمون وفيما يدعون، فكم من الناس من يعتقد في هؤلاء، فيشرك الناس بسببهم، فهؤلاء طواغيت ولا غرابة أنهم يخبرونا بأمور غيبية.
    ونقول: إنهم يطلعونا على أمور قد تكون غيباً بالنسبة لنا، وهي ليست بغيب بالنسبة لهم، وإنما يوحي بعضهم إلى بعض، هؤلاء لهم قرناء كل إنسان منا له قرين من الشياطين، والشياطين يوحي بعضها إلى بعض ((هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ))[الشعراء:221-223] كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكما بين في الحديث يكذب مائة مرة ويصدق مرة واحدة، يفتن الله تعالى الناس بمرة واحدة يصدق فيها ذلك الكاهن، يلقي الشيطان الكلمة التي سمعها من الملأ الأعلى -من الملائكة- يلقيها قبل أن يدركه الشهاب -فتنة من الله- فيسمعها وليه من الإنس -الكاهن- فيخلط معها مائة كذبة، ويقول: فلان ستكون له كذا ويكون أمراً صحيحاً، وفلان وفلان، فيكذب معها مائة كذبة، فإذا اكتشف الناس أمره وقالوا: هذا كذاب، قال: ذاك اليوم كذا وبان كذبه، قال: هذا وإذا هو كذب، جاء الشيطان وأولياؤه وأعوانه، وقالوا: نسيتم تلك المرة عندما قال وبان صدقه! فيذكرون الناس بواحدة وينسون المائة الكذبة، لأن هؤلاء أعوانه من شياطين الجن والإنس يتعاونون.
    فليس هناك غيب، لا يعلم الغيب إلا الله، وإنما وحي يوحيه الشياطين بعضهم إلى بعض، قرينك من الشياطين يذهب إلى الكاهن ويقول: سيأتيك فلان بن فلان واسم أمه كذا، واسم زوجته كذا، وعندها مرض كذا وكذا، ويدخل عليه، فيقول له: أنا أعرف لماذا أتيت أنت فلان بن فلان، وزوجتك كذا وعندها مرض كذا، فيقول: هذا الكلام صحيح، فلو لم يكن عنده برهان ما كان ليقول هذا الكلام ليدلس به علينا، لكن الشيطان ينسينا كلام الله وسنة رسوله، ويخرجنا من الملة بهذه الحيل الشيطانية الخبيثة عافنا الله وإياكم منها.
  9. النبي سليمان والجن

     المرفق    
    السؤال: نبي الله سليمان تحدث أن الجن لا يعلمون الغيب؟
    الجواب: نبي الله سليمان سخر الله له أكابر الجن، وكما قال تعالى: ((فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ))[سبأ:14] فلا تأكل الأرض أجساد الأنبياء، وتوفي وقبضه الله وهو قائم عليه السلام وبيده العصا متكئ عليها، فكان الجن يأتون وينظرون إليه ويشتغلون؛ لأن الله سخَّرهم لسليمان ((وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي))[ص:35] أي إذا مات سليمان عتق الجن من الخدمة، فكانوا ينتظرون موت سليمان حتى يعفو من الخدمة ويصبحوا أحراراً، فكانوا يأتون فينظرون فإذا بسليمان واقف، فيشتغلون ويعملون في العبودية، وما دلهم على موته إلا دابة الأرض، هذه الدابة التي تأكل الخشب أكلت العصا فسقطت العصا فسقط سليمان، يقول تعالى: ((فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ))[سبأ:14] لو كانوا يعلمون الغيب، فمجرد ما مات وعلموا أصحابهم عتقوا، لكن بقوا في العذاب المهين سنين وراء سنين، وهم يقولون: إن نبي الله سليمان حي.
    وكل ما كان عن علم وخبرة لا يدخل في هذا الباب، المهندسون أو الجيولوجيون الذين يقولون: إن الماء على بعد كذا، هذا غير ذلك، هذا الذي هو صاحب خبرة وحرفة وعلم ولا يجزم، وإنما يقول: بإذن الله وينظر إلى عروق الأرض وما أعطاهم الله من العلم فيها، فهذا لا بأس به، ولا يدخل في ذلك ما سبق، أما إذا كان عنده حضرة يحتضر، وقالوا له الجن: في هذا المكان شيء وأخبر به، فهذا لا يخلوا إما أنه يدعي علم الغيب، وإما أنه يذبح للجن -والعياذ بالله- ويقرب لهم من القربات، مما يجعلهم يخبرونه.
    ولهذا يوم القيامة يقول: ((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ))[الأنعام:128] أي: أضللتم كثيراً من الإنس وأخذتوهم وعبدوكم من دون الله (وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ) يجاوبون ((وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ))[الأنعام:128] كيف كانوا؟ كنا نذبح لهم ويعلمونا، يأتونا وندعوهم ويعالجونا، إنما استفدنا واستفادوا، لكنه متاع قليل -نسأل الله العافية- متاع ووراؤه جهنم، والله ليس بمتاع ولا استمتاع، فيقع الاستمتاع من الطرفين، يقول: اذبح له في المكان الفلاني؛ لأنهم جن، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يطلعهم على ما لا يطلعنا عليه.
    أما العلم البحت فلاشيء فيه، فالعلم يرفع الله به الوضيع الحقير من الناس، يأتوه الملوك ويسلموا على يده ويستفتونه، بل يرفع الله الكلاب حتى الكلاب يرفعها بالعلم، فالكلب المعلم ((وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ))[المائدة:4] الكلب العادي إذا أكل من طعامك أو ولغ في الإناء، فيجب عليك أن تغسله سبعاً إحداها بالتراب، لكن الكلب المعلم إذا اصطاد شيئاً فإن ريقه طاهر، وتأكل هذا الشيء، وانظروا كيف يجعل العلم، الشيء طاهراً ولو كان نجساً؟!
    فكيف إذا تفقهنا في ديننا -نسأل الله أن يفقهنا وإياكم في الدين- فما كان نتيجة العلم والخبرة والتجربة فلا يدخل في باب الكهانة والشعوذة، وإنما الذي يدخل في الشرك هو الكهانة.
    أما دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل: يا محمد احفظنا أو يا جبريل أو يا ابن عباس أيضاً فهذا من الشرك، وقد تقدم ما يكفي أن دعاء غير الله شرك.
    الحلف بغير الله يعد من الشرك، ( من شرك الألفاظ) {من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك} كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الآخر الصحيح: {من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت} فمن حلف بغير الله فهذا من شرك الألفاظ لا يخرج من الملة لكنه أكبر وأخطر من الذنوب الأخرى، لأن الشرك أخطر الذنوب، والشرك الأصغر أخطر من أكبر الذنوب التي ليست بشرك، وإن حلف بغير الله معتقداً تعظيم المحلوف به كتعظيم الله أو أكثر، كما يقال لبعضهم: يحلف بالله قال: لا أصدق حتى تحلف بالولي فلان أو بالسيد فلان، وعندنا هنا شيء آخر، يقولون: ما نصدق حتى تطلق، إذا حلف بشيء غير الله، ويعتقد أنه أعظم من الحلف بالله وأبلغ، فيكون حينئذٍ من الشرك الأكبر.
    إذا حلف بغير الله معتقداً تعظيمه كتعظيم الله أو أكثر أصبح من الشرك الأكبر، أما إذا حلف بغير الله فقط هكذا فهذا على خطر عظيم، وأما إن حلف بغير الله بلفظ يجري على لسانه من غير قصد فيجب عليه أن يستغفر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الحين، وأن يشهد أن لا إله إلا الله.
  10. حكم تارك الصلاة

     المرفق    
    السؤال: لقد سمعت من بعض الشيوخ أن من ترك الجمعة ثلاث مرات متتابعات فإن الله يختم على قلبه، ما هو مخرج من فعل ذلك، لأن السائل يقول: هو منهم؟
    الجواب: نسأل الله العفو والعافية، نسأل الله أن يجنب قلوبنا وقلوبكم من هذه القسوة والغفلة والختم، فإذا كان كما قال الأخ هذا يختم ويطبع على قلبه إذا ترك الجمعة ثلاث مرات، ما الذي يجعل المسلم يترك صلاة الجمعة إلا مرض مستأصل قد قطَّع قلبه وغلَّفه، وهذا بعد ذلك لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، هذا من أعظم الذنوب، لأن ترك الصلاة جماعة غير الجمعة ذنب عظيم توعد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يُحرق البيوت، بل لولا ما فيها من الذرية لأحرق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيوتهم، لكن فيها نساء وفيها أطفال لا تجب عليهم الجماعة، فكيف بالذين يتركون الجمعة؟
    هذا أعظم من ترك فريضة الجماعة، وهذا عيد المسلمين الأسبوعي.
    ومما يؤسف له أن بعض الناس يستغلون يوم الجمعة في رحلات أو في أعمال لا تقرب من الله، بل ربما -أيضاً- يسهرون سهرات طويلة ليلة الجمعة على أفلام خبيثة ثم ينامون عن صلاة الفجر يوم الجمعة، وربما -أيضاً- عن صلاة الجمعة، وأسباب الشر كثيرة وهذه من أعظم الذنوب، لأن تركها كفر كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتركها يخرج من الملة، من ترك الصلاة عامداً متعمداً لم يؤدها فقد خرج من الملة حتى إذا صلى عاد إلى الملة -نسأل الله العفو والعافية- والأحاديث في ذلك كثيرة لا يتسع المجال لسردها.
    ما هو المخرج؟ المخرج من كل ذنب هو التوبة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والاستعانة بأهل الخير ليعينوه وليذكروه بالله، ويحضر مجالس الذكر، ويوصي جيرانه وأقرباءه وأهله بأن يوقظوه إن كان نائماً عن صلاة الفجر أو غيرها، ويستعين على نفسه وعلى شيطانه بدعائه الله بالهداية؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل الهداية بالمجاهدة ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ))[العنكبوت:69].
    لكن الذي لا يصلى ويقول: كيف المخرج؟ فالمخرج منك أنت، وفي أمور دنيانا لا نسأل عن مثل هذا المخرج لأن الواحد منا يكدح ويعمل ويجتهد في دنياه فلا يقصر أبداً، فلا يمكن للإنسان أن يقول ماذا أفعل وهو جالس لا يعمل؟
    فهو لا يقولها لك في أمور الدنيا إلا بعد أن يقول: حاولت وتعبت ولم أجد وظيفة، إذاً ابحث لي عن شيء.
    فكذلك في هذا نجتهد أننا نطيع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ))[العنكبوت:69] كلنا نحب النوم، والرحلة، ونحب الراحة، لكن يجب أن نُرغم أنفسنا على طاعة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثم نرتاح ونرتحل في غير الأوقات التي أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها بعبادته وطاعته.
  11. حكم تقصير اللحية

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الإسلام في تقصير اللحية وحلق العارض كما يفعل كثير من إخواننا هداهم الله؟ ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.
    الجواب: هذا مما يتكرر فيه الكلام -والحمد لله- من الوعاظ ومن العلماء وما علينا إلا نسمع فنعمل.
    هذه اللحية شعيرة من الشعائر الظاهرة، فالحجاب للمرأة واللحية للرجل، ثم صلاة الجماعة وصلاة العيدين وصلاة الكسوف هذه شعائر، لأنني قد أذكر الله وقد لا أذكر، وقد أصلي في الليل، وقد لا أصلي.
    قد أقرأ القرآن وقد لا اقرأ فلا أحد يدري، لكن الشعائر الظاهرة هي التي تعطي الإنسان صفته، فإذا سافر أحدنا إلى بلد ووجد نساء ذلك البلد متحجبات، قال: والله وجدت بلداً مستقيمة، وأهلها طيبون مسلمون، أخالطتهم وكلمتهم؟ قال: لا نعرف لغتهم لكن نساءهم محجبات، كيف عرف؟ عرف بشعيرة ظاهرة.
    وإذا ذهبت إلى بلد أو بلدة أو مدرسة ووجدت المدرسين كلهم ملتحيين، إذا المدرسة طيبة، لماذا؟
    لأنه وجد عليهم المظهر، هذه شعيرة ظاهرة يجب أن نظهرها، وهي علامة فارقة بين المتبعين لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين المتبعين للمجوس واليهود والنصارى.
    آباؤنا وأجدادنا ما عرفوا حلق اللحية، هذا موجود فيهم ما عرفوه أبداً، وبعض العلماء يقول بحثنا فوجدنا أنه لم يعرف المسلمون حلق اللحية إلا منذ ثمانين سنة فقط، لا في مصر، ولا في الجزائر، ولا في المغرب، ولا في أي بلد من البلدان، لم يعرف المسلمون حلق اللحية إلا منذ حوالي ثمانين سنة فقط، عندما دخل الإنجليز والفرنسيون إلى بلادنا، وإلا فإن العاصي والفاجر والذي يصلي والذي لا يصلي لا يمكن أن يحلقها هذه الشعرات التي لا نأبه بها لو أن أحداً أتلف لحية أحد ولم تنبت بعد ذلك، ماذا فيها؟
    اسألوا القضاة، عشر الدية أو ربعها؟ بل فيها دية كاملة ونحن نزيلها بلا مقابل هذه خسارة.
    إذاً نقول: هذا لا تشهيراً ولا تشفياً لبعض الإخوان المقصرين، الذين يقصرون لحاهم ويحلقونها، فنحن فينا ذنوب ربما أعظم مما فيهم، لكن هذه من الشعائر الظاهرة، هذه من علامات الخير وعلامة اتباع الأنبياء، علامة أننا على منهج رسول الله، مخالفين للمجوس، ويجب أن نتمسك بها.
    لا يقول الإنسان:كيف أتمسك؟
    بعض الناس يقول: أنا عندي خير ولو كنت أحلق لحيتي.
    يا أخي! إعفاء اللحية وتقصير الثوب والله أسهل، ما رأيكم في الذي لا يستطيع أن يأتي بالأشياء السهلة، فهل يقدر أن يأتي بالأشياء الكبيرة؟
    إعفاء اللحية ليس سوى تركها فلا تحلقها، وإسبال الثوب توفر على نفسك عند الخياط حاجة من الفلوس، وتوفر وتبعد الوسخ والقذر عن ثوبك فترفعه قليلاً، فلا يضر رفع الثوب إلى الكعبين.
  12. حكم الإسبال في الثياب

     المرفق    
    السؤال: هل يستطيل الإنسان بالثياب؟
    الجواب: لا يستطيل الإنسان بالثياب، إذا كنا لا نقوم من طاعة الله إلا بالقليل الذي لا يكلف شيئاً، مثلاً: إذا قلت لبعض الناس ذلك؟ يقول: نحن الحمد لله فينا أشياء بسيطة، مادامت بسيطة تجنبها، فلا يعقل أن شخصاً يحمل حجراً كبيراً، وتقول له: احمل هذا، يقول: هذا بسيط اتركه.
    يا أخي! لو حملت الصغير قبل أن تحمل هذا الكبير، لكن هذا دليل أن التزامنا ضعيف.
    إذاً إعفاء اللحية شيء بسيط، فالحمد لله الذي جعله بسيطاً لا يكلفك شيئاً، بل يوفر عليك في دنياك وفي آخرتك، وأيضاً تقصير الثوب بسيط، ولا ينظر الله إلى المسبل إزاره، ولا عقوبة أعظم من هذه، وبعض العلماء يرى أن صلاته لا تصح ولا تقبل وإذا قبلت فهو عاصٍ آثم، فالإثم ملاحق له.
    إذا رأيت إنساناً مسبلاً ثيابه، عرفت أنه من أهل الكبر، وإذا رأيت إنساناً رافعاً إزاره أو ثوبه على الكعب عرفت أن هذا عليه سمات من الخير.
    ما أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء إلا والخير كل الخير فيه، ولا نهانا عن شيء إلا والشر كل الشر فيه، عرفنا ذلك أو جهلناه.
    فيجب علينا أن نتقي الله في أوامره وفي هديه وفي سنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن أوجب ما يجب علينا في هذه الحالة أننا لا نستهزئ بمن يطبق السنة، يكفي أنني مُقصِّر، وأني مذنب، فإذا زدت على الذنب ذنباً أعظم وهو الاستهزاء بشعائر الدين التي كفر الله بها المنافقين ((قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)) [التوبة:66] هذا ذنب أعظم وهو الاستهزاء بالمتمسكين بالسنة أو الثياب، أو بتعليم القرآن، أو بحضور الجمعة والجماعات، أو بحضور حلقات الذكر.
    الاستهزاء بهم أعظم جرماً وذنباً من أن تترك هذه الفروض أو السنن وهو مما أخرج الله به المنافقين من الإيمان نسأل الله العفو العافية.
  13. حكم الغناء

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الغناء مع ذكر الدليل لتحريمه، وما هي الطريقة لاجتنابه بعد الانغماس فيه؟
    الجواب: الغناء كلمة عامة نفصل فيها -إن شاء الله- بإيجاز:
    الغناء يطلق على شيئين يجب أن نفرق بينهما.
    الأول: إنسان مع غنمه في الجبل أو متكئ في بيته، وأعجبته قصيدة ما فغنىَّ بها هذا يسمى غناء.
    الثاني: مع موسيقى ورقص نساء أو رجال وفرقة يسمونها فرقة ترقص؛ هذه يسمونها أيضاً غناء.
    ويأتي بعض العلماء أو بعض الناس، ويقول: العلماء اختلفوا في الغناء منهم من يقول: حلال، ومنهم من يقول: حرام.
    الحقيقة أنهم لم يختلفوا لو تبينا ذلك، ولكن تكلم كل منهم في شيء، بعض العلماء من علماء المدينة في الصدر الأول قالوا: ''إن أهل المدينة يبيحون الغناء''.
    كيف أهل المدينة يبيحون الغناء؟
    الغناء ذاك الذي ليس فيه أي شيء، يحدث نافع عن عبد الله بن عمر ''لما كان ماشياً وجد راعياً معه قصبة يزمر فيها، فوضع ابن عمر إصبعه في أذنيه -سدها- يقول نافع: وأنا يومئذ صغير، فسألته فقال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع الراعي فوضع يديه هكذا'' .
    فالغناء الذي فيه موسيقى وفيه آلات، وفيه معازف حرام، كما بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: {سيأتي على الناس زمان يستحلون فيه الحر والحرير والخمر والمعازف}، فهذا الغناء حرام، الزنا والحرير والخمر والمعازف والقمار هذه محرمات قطعية، ونافع يقول: '' وأنا يومئذ صغير '' يقول: أنا ما وضعت إصبعي في أذني لأني صغير لأنني لا أدري ولا أعرف الحكم، يعتذر أنه لم يسد أذنه عن سماع القصبة، قصبة الراعي.
    فبالله لو رأوا الفرقة الموسيقية ورأوا الأفلام في الفيديو وفي التلفزيون، ورأوا الملايين التي تُبذر للمطربين والمطربات، هل يمكن أن يختلف العلماء؟
    يقول الله تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ))[لقمان:6] يقول عبد الله بن مسعود [[والله الذي لا إله غيره إنه الغناء]] يحلف ونؤثمه! بل صدق والله.
    ويقول ابن عباس رضي الله عنه: [[الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع]] هذا الذي نراه، وقد ورد فيه من الزجر ما تقشعر منه الأبدان.
    وأنا أحيل الإخوة وفيكم طلبة علم أحيلكم إلى كتاب وهو كتاب عظيم في هذا الباب وغيره، كتاب إغاثة اللهفان في هذا الباب، ذكر خمسين وجهاً في ضرر الغناء، وذكر من كلام السلف ما يعتبر به الإنسان.
    وقد أباح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنساء في العرس الدف، وفرق بين الدف والطبل، ولكن متى؟
    ليس في كل وقت، بل في الزواج فقط وماعدا ذلك فيحرم.
    فلنتق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في أنفسنا، ولنتق الله في هذه الملاهي، والمعازف التي ألهتنا عن ذكر الله وشغلتنا عن طاعة الله، وأصبح العلماء لا يجدون لهم مكاناً في المجتمع، والفساق المغنون تعلق صورهم في أعلى الأماكن، كصور الملوك والأمراء، لماذا؟ لأنهم وجدوا شهوات الناس تحُب الغناء.
    لو أنه قيل لنا: إن الشيخ ابن باز يأتي لهذه المنطقة -وإن شاء الله يأتي لهذه المنطقة- فإن كثيراً من الناس لن يفرحوا؛ كما لو قيل: المطرب الفلاني آتٍ إلى المنطقة، يأتون من كل مكان وليروه ولو استطاع النساء لأتين وخرجن ليروا هذا المطرب العظيم، لماذا؟
    نحن أشهرنا وأعلينا الفساق وأظهرناهم، وجعلنا المتقين في الدرجة الأقل.
    وكما تعلمون من واقعنا وبيئتنا أنها بيئة قبلية أصيلة، من أبناء الأسر الأصيلة، فأي شيخ قبيلة أو رجل محترم أو إنسان طيب يرضى أن يكون ابنه يضرب هذا الطبل أو يعمله؟
    بالله هل يرضى أحد هذا الشيء؟
    إخوانه سوف يتبرؤون منه وأرحامه وعمه وأبوه، فإذاً هذه مهنة حقيرة وضيعة، فإذا جاءت في التلفزيون ارتحنا؛ وقلنا هذا فنان عظيم، لماذا عظيم؟
    لأنه بعيد، أما إذا كان قريباً لك، تقول: هذا خير فيه الطبال الزمار، الذي ما فيه خير لا نعرفه ولا يعرفنا، ولا يقرب لنا ولا نقرب له.
    لا يا أخي! لا تنظر بميزانين، واجعل ميزانك واحداً، وهو ميزان الدين والشرع، وما وضعه الشرع ضعه، وما رفعه الشرع والدين فارفعه يرفعك الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  14. حكم الفرق الإسلامية

     المرفق    
    السؤال: ما رأيك أن يجتمع المسلمون يداً واحدة بمختلف عقائدهم من صوفي وأشعري وغير ذلك يداً واحدة ضد الأعداء ثم بعد ذلك نصلح أنفسنا؟
    ثانياً: هل نعتبر أصحاب الفرق والملل كفاراً أم مسلمين، وأقصد الذين يؤولون الصفات وفي هذا انتقاص لحق الله سبحانه؟
    الجواب: بالنسبة للفقرة الأولى فلا تحتاج إلى كثرة شرح، فهذه نضرب لكم فيها مثالاً واحداً لو أن عدواً لنا هناك على رأس الجبل، فقال أحدنا: اعطونا العميان والعرجان والمكسرين والعجائز وكل واحد نحارب به العدو وبعد ذلك نداوي أنفسنا، هل يعقل هذا الكلام؟
    نقول: لا يقاوم العدو حقيقةً ولا يحاربه إلا القادر النشيط القوي، فوالله ما لم نعالج أنفسنا فلن نستطيع أن نحارب عدونا وقد جربنا في كل بلد يُحارب فيه أهل الشرك والضلال والبدع والموبقات، الصحابة الكرام أفضل جيل، وأطهر جيل على هذه الأرض عصوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى معصية نعتبرها اليوم عادية.
    قال لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد {هذا الجبل لا تبرحوه انتصرنا أم انهزمنا} فكانت الدائرة على الكفار وانهزموا وذهبوا وجاء المسلمون يقتسمون الغنائم، وأولئك على الجبل، فقال قائدهم: [[لا تبرحوا فإن نبيكم نهاكم عن ذلك]] فعصوه ونزلوا إلا عشرة نفر، فلما نزلوا التف المشركون من وراء الجبل وكانت الهزيمة، وقتل من صناديد المسلمين سبعون، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقع له ما كاد أن يودي بحياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هزيمة بسبب ماذا؟ بسبب معصية واحدة حصلت من أفضل وأطهر جيل. هذه المعصية منعت النصر من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    فكيف إذا كان فينا المبتدعة وفينا المؤول والمعطل وفينا الشيعي والمخرف والكاهن والدجال وكل شيء؟!
    ونقول: نواجه العدو أول شيء وبعد ذلك نصلح أنفسنا؟!
    أولاً: نصلح أنفسنا وقبل أن نجاهد الأعداء نجاهد أنفسنا بطاعة الله، أو مع ذلك فهذا أمر لا بد منه ويكفينا ذلك.
    وأما هل يعتبرون كفاراً؟
    الذين يؤولون لا يعتبرون كفاراً في الجملة -أي: ليس أهل التأويل أهل كفر- وإنما نسميهم أهل بدعة وضلال وانحراف، لكن في آحادهم قد يوجد فيهم منافقون في الباطن، فيوجد من الصوفية ومن الأشعرية ومن المؤولة منافقون في الباطن، لكن الذي ظاهره فقط أنه يؤول الصفات أو يبتدع بدعاً غير مكفرة هذا لا نكفره في الجملة ولا نكفر فرقة في الجملة، بل هم من أهل الوعيد، إن شاء الله غفر لهم، وإن شاء عذبهم فإن كان لهم من الجهاد والحسنات والإيمان باليوم الآخر ما يوازي أو يزيد عن هذا الذنب غفر الله لهم، وإن كان غير ذلك فهم مؤاخذون كأهل الذنوب والمعاصي، أما أهل البدع المكفرة كما يقول: كغلاة الصوفية وغلاة الشيعة والجهمية الذين ينكرون جميع الصفات وأشباههم.
    فهؤلاء كفار خارجين من الملة، فهناك فرق خارجة من الملة، وهناك فرق غير خارجة من الملة، ولكنهم من أهل الوعيد، والفرقة الناجية هم الذين على مثل ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، جعلنا الله وإياكم منهم إنه سميع مجيب.
  15. حكم الجهاد حالياً

     المرفق    
    السؤال: ما حكم الجهاد في الوقت الحاضر أثابك الله؟
    الجواب: الجهاد في القرآن واجب على طلبة العلم ((وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً)) [الفرقان:52] جهاد الدعوة، وجهاد النفس على طاعة الله واجب -أيضاً- في كل زمان ومكان وعلى كل إنسان، وأما جهاد الأعداء، وقتال الكفار فهو نوعان:
    الأول: جهاد الطلب.
    والثاني: جهاد الدفع.
    فأما جهاد الدفع فهو إذا نزل الكفار في بلدان المسلمين، وجب على أهلها أن يردوه، هم ومن حولهم حتى تتسع الدائرة إلى من هو أبعد منهم ممن لديه القدرة عليه.
    وأما جهاد الدعوة فهو أفضل الجهاد كما جاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أن ندعو وأن نقيم دين الله في أنفسنا، ونقيمه في مجتمعنا، ثم نخرج ونغزو الأمم ونفتح البلاد لتدين بدين الإسلام وتخضع له وتنقاد لأحكامه.
    بعد أن نكون قد حققنا الإيمان والتوحيد، ودعونا إلى الله وانتصرنا على أنفسنا ثم ننتصر بإذن الله على أعدائنا، فهذان جهادان يجب علينا الآن في كل بلد من بلاد المسلمين أن نسعى إلى جهاد الدعوة، ونبدأ بالدعوة إلى الله وننتهي بقتال الكفار وفتح بلادهم.
    هذا كله يسمى جهاد الدعوة، وهذا الذي كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    أما جهاد الدفع فأكثر بلاد المسلمين محتلة التي لم يدخلها الروس، يحكمها الباطنيون والبعثيون والإشتراكيون والديمقراطيون، كلها مذاهب كفرية أين تذهب ومن الذي يذهب؟ وما الذي لا تدع؟
    الواجب أن يحيي اليوم جهاد الدعوة ابتداءً من الدعوة المجردة وانتهاءً بقتال الكفار، لتكون كلمة الله هي العليا ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ))[البقرة:193] ولا نستطيع أن نقول أكثر من هذا في هذا المقام والحمد لله رب العالمين، ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح، وصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.